فصل: الحديث الثَّالِث عشر:

مساءً 9 :38
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّالِث:

عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «ثَلَاث لَا تُؤخر: الصَّلَاة إِذا أَتَت، والجنازة إِذا حضرت، والأيم إِذا وجدت لَهَا كفوا».
هَذَا الحَدِيث تقدم فِي كتاب الصَّلَاة وأسلفنا الْكَلَام عَلَيْهِ هُنَاكَ وَاضحا.

.الحديث الرَّابِع:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا تنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تستأمروهن».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك سَوَاء بِزِيَادَة «فَإِن سكتن فَهُوَ إذنهن».
من حَدِيث نَافِع، عَن ابْن عمر، ثمَّ صَححهُ، وَذكر فِي الحَدِيث قصَّة، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي سُنَنهمْ وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْيَتِيمَة تستأمر فِي نَفسهَا؛ فَإِن صمتت فَهُوَ إِذْنهَا، فَإِن أَبَت فَلَا جَوَاز عَلَيْهَا» قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم، ذكره شَاهدا لحَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْمَرْفُوع: «تستأمر الْيَتِيمَة فِي نَفسهَا؛ فَإِن سكتت فَهُوَ رِضَاهَا وَإِن كرهت فَلَا كره عَلَيْهَا».
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَحَدِيث أبي مُوسَى أخرجه ابْن حبّان فِي صَحِيحه بِلَفْظ: «الْيَتِيمَة تستأمر فِي نَفسهَا؛ فَإِن سكتت فقد أَذِنت، وَإِن أَبَت لم تكره».
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: «فَإِن بَكت أَو سكتت» زَاد: «بَكت». قَالَ أَبُو دَاوُد: وَلَيْسَت مَحْفُوظَة، وَهُوَ وهم فِي الحَدِيث، الْوَهم من ابْن إِدْرِيس- يُرِيد: عبد الله بن إِدْرِيس الأودي الْكُوفِي.
تَنْبِيه: لما اسْتدلَّ الرَّافِعِيّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى أَن الْعُصُوبَة لَا تفِيد تَزْوِيج الصَّغِيرَة، قَالَ: وَنَحْوه من الْأَخْبَار، وَأَرَادَ بذلك من أوردناه من حَدِيث أبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهمَا، فَتنبه لذَلِك.

.الحديث الخَامِس:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا، وَالْبكْر تستأذن، وإذنها صماتها».
هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه أول الْبَاب فَرَاجعه مِنْهُ.

.الحديث السَّادِس:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَفِي رِوَايَة للْحَاكِم: «الْوَلَاء لحْمَة كلحمة من النّسَب لَا تبَاع وَلَا توهب».
وسنشبع الْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْوَلَاء- إِن وصلنا إِلَيْهِ، إِن شَاءَ الله ذَلِك وَقدره وَقد فعل وَللَّه الْحَمد.
فَائِدَة: قَالَ جُمْهُور أهل اللُّغَة- فِيمَا حَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي تهذيبه-: لحْمَة الثَّوْب وَالنّسب بِضَم اللَّام فيهمَا. وَحَكَى الْأَزْهَرِي وَغَيره عَن ابْن الْأَعرَابِي فتحهَا فيهمَا، قَالَ الأزهرى: وَمَعْنى الحَدِيث قرَابَة كقرابة النّسَب.

.الحديث السَّابِع:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «السُّلْطَان وليّ من لَا وليّ لَهُ».
هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه فِي الْبَاب قبله، وهُوَ الحَدِيث السَّابِع مِنْهُ؛ فَرَاجعه من ثمَّ.

.الحديث الثَّامِن:

«أَن شعيبًا عَلَيْهِ السَّلَام زوج وَهُوَ مكفوف الْبَصَر» أما كَونه هُوَ المزوج فَعَلَيهِ أَكثر الْمُفَسّرين كَمَا حَكَاهُ السُّهيلي وَغَيره وأما كَونه مكفوف الْبَصَر، فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث ابْن عَبَّاس «أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وإنّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: كَانَ شُعَيْب أَعْمَى» ثمَّ قَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
وَفِي تَارِيخ الْحَافِظ أبي بكر الْخَطِيب عَن شَدَّاد- مَرْفُوعا- قَالَ: «بَكَى شُعَيْب من حب الله حَتَّى عمي...» ثمَّ ذكر الحَدِيث وَفِيه: «فَلِذَا أخدمتك مُوسَى كليمي» وَهَذَا حَدِيث بَاطِل لَا أصل لَهُ، فِيهِ إِسْمَاعِيل بن عَلّي بن الْمثنى الإستراباذي الْوَاعِظ كتب عَنهُ الْخَطِيب وَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ ابْن طَاهِر: مزقوا حَدِيثه بَين يَدَيْهِ بِبَيْت الْمُقَدّس! وَفِي شرح التَّنْبِيه للحبلي عَن الْبَحْر أَنه قَالَ فِي كتاب الشَّهَادَات إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن أَعْمَى. قَالَ: وَقيل كَانَ وَلَكِن طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمى بعد النُّبُوَّة وَأَدَاء الرسَالَة وفراغها.
فَائِدَة: رَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب التَّفْسِير «أَن الَّتِي تزَوجهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام صفورة، وَأُخْتهَا: شرقاء».
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
قلت: وصفورة هَذِه هِيَ الَّتِي جَاءَتْهُ تمشي عَلَى استحياء وَقَالَت لأَبِيهَا اسْتَأْجرهُ.
وَفِي كتاب حلية الْأَوْلِيَاء اسْمهَا: صفراء، وَقَالَ الشّعبِيّ وَغَيره: اسْم إِحْدَى ابْنَتَيْهِ: صفوراء، وَالْأُخْرَى: لياء وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: اسْم إِحْدَاهمَا: صفورة، وَالْأُخْرَى: شرهاء. وَقَالَ غَيره: شرقاء، وَقد سلفت، وَقيل: إِن الْكُبْرَى اسْمهَا: صفوراء، وَالصُّغْرَى: صفيراء.

.الحديث التَّاسِع:

عَن ابْن عَبَّاس- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا نِكَاح إِلَّا بولِي مرشد وشاهدي عدل».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن مُسلم، عَن ابْن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبيد الله بن عمر القواريري، ثَنَا عبد الله بن دَاوُد، سَمعه من سُفْيَان، ذكره عَن ابْن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شَاءَ الله- قَالَ: «لَا نِكَاح إِلَّا بِإِذن ولي مرشد أَو سُلْطَان» كَذَا قَالَ أَبُو الْمثنى معَاذ بن مثنى، عَن القواريري، وَرَوَاهُ غَيره عَن القواريري فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير اسْتثِْنَاء.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد بِهِ القواريري مَرْفُوعا، والقواريرى ثِقَة، إِلَّا أَن الْمَشْهُور فِي هَذَا الْإِسْنَاد وَقفه عَلَى ابْن عَبَّاس، وَقَالَ فِي خلافياته: القواريري ثِقَة... عَدَالَته. وَقَالَ الضياء فِي أَحْكَامه: لَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِلَّا أَن الْمَشْهُور وَقفه وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ ثَابت عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره.
قلت: وَالْمَوْقُوف رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره من حَدِيث عبد الرَّزَّاق، عَن الثَّوْريّ عَن ابْن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «لَا نِكَاح إِلَّا بِإِذن ولي مرشد أَو سُلْطَان» وَرَوَاهُ عَن ابْن خثيم غير الثَّوْريّ، وَفِي رِوَايَة: «لَا نِكَاح إِلَّا بولِي أَو سُلْطَان وَإِن أنْكحهَا سَفِيه مسخوط عَلَيْهِ فَلَا نِكَاح لَهُ».

.الحديث العَاشِر:

عَن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَزَاد: «وَلَا يخْطب» وَعند ابْن حبّان زِيَادَة: «وَلَا يخْطب عَلَيْهِ».
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ فِي بعض الرِّوَايَات: «وَلَا يشْهد».
قلت: هَذِه رِوَايَة غَرِيبَة، وَفِي الْكِفَايَة لِابْنِ الرّفْعَة أَنَّهَا غير ثَابِتَة. وعلق فِي الْمطلب الْحجَّة عَلَى ثُبُوتهَا، وَفِي شرح المهذّب عَن الْأَصْحَاب أَنهم قَالُوا: إِنَّهَا لَيست ثَابِتَة.
فَائِدَة: لَا يَنكح هُوَ بِفَتْح الْيَاء، وَلَا يُنكح هُوَ بضَمهَا مَعْنَاهُ: وَلَا يتَزَوَّج وَلَا يُزَوّج. قَالَ العسكري: من فتح الْكَاف من الثَّانِي فقد صحّف. وَقَوله: «وَلَا يخْطب» أَي: لَا يخْطب الْمَرْأَة، وَهُوَ طلب زواجها، وَقيل: لَا يكون خَطِيبًا فِي النِّكَاح بَين يَدي العقد. قَالَه الْمَاوَرْدِيّ، والفارقي، وَابْن أبي عصرون، وَنَقله صَاحب الْمطلب فِي كتاب النِّكَاح، عَن الْمَاوَرْدِيّ فأقره، وأمّا النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب: الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْعلمَاء كَافَّة أَن المُرَاد الْخطْبَة بِكَسْر الْخَاء ثمَّ نقل عَن الفارقي مَا أسلفناه ثمَّ قَالَ: إِنَّه خطأ صَرِيح قَالَ: وَلَا أَدْرِي مَا حمله عَلَى هَذَا الَّذِي تعسفه وتجاسر عَلَيْهِ؟!
قلت: قد علمت أَنه لم ينْفَرد بِهِ، وَابْن الرّفْعَة نَقله عَنهُ وَأقرهُ، فَقَالَ: المُرَاد بقوله: «وَلَا يخْطب» أَي: لَا يكون خَطِيبًا فِي النِّكَاح بَين يَدي العقد- كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ، وَصَححهُ ابْن الرّفْعَة أَيْضا فِي حَاشِيَة كتبهَا عَلَى الْكِفَايَة.

.الحديث الحادى عشر:

رُوِيَ مَرْفُوعا وموقوفًا «لَا نِكَاح إِلَّا بأَرْبعَة: خَاطب، وَولي، وَشَاهد».
هَذَا الحَدِيث رَواه مَرْفُوعا الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده الْمُغيرَة بن مُوسَى الْبَصْرِيّ، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ ابْن عديّ: هُوَ فِي نَفسه ثِقَة.
قلت: وَقَالَ ابْن حبَان: يَأْتِي عَلَى الثِّقَات بِمَا لَا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات؛ فَبَطل الِاحْتِجَاج بِهِ فِيمَا لم يُوافق الثِّقَات.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعا: «لَا بدّ فِي النِّكَاح من أَرْبَعَة: الْوَلِيّ، وَالزَّوْج والشاهدي».
وَفِي إِسْنَاده أَبُو الخصيب، واسْمه: نَافِع بن ميسرَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ مَجْهُول.
وَأما رِوَايَة الْمَوْقُوف فرواها الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته عَن ابْن عَبَّاس: «لَا نِكَاح إِلَّا بأَرْبعَة: ولي، وشاهدي، وخاطب».
ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن سُفْيَان، عَن أبي يَحْيَى، عَن رجل يُقَال لَهُ: الحكم بن ميناء عَن قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس: «لَا نِكَاح إِلَّا بأَرْبعَة: ولي، وشاهدي. قَالَ: أدنَى مَا يكون فِي النِّكَاح أَرْبَعَة: بِزَوْج، وَالَّذِي يُزوج، وشاهدان».
قَالَ: وَله شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن قَتَادَة، عَن ابْن عَبَّاس.
قلت: لكنه مُنْقَطع؛ قَتَادَة لم يدْرك ابْن عَبَّاس.

.الحديث الثَّانِي عشر:

رُوِيَ «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي: لَا تُؤخر أَرْبعا» وَذكر مِنْهَا: تَزْوِيج الْبكر إِذا وجدت لَهَا كفوا. هَذَا الحَدِيث تقدم فِي الحَدِيث الثَّالِث من أَحَادِيث الْبَاب، لَكِن لفظ «لَا تُؤخر ثَلَاثًا» بدل «أَرْبعا» فَرَاجعه من ثمَّة.

.الحديث الثَّالِث عشر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «نَحن وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد».
هَذَا الحَدِيث سلف بَيَانه فِي كتاب قسم الصَّدقَات، فَرَاجعه من ثمَّ.

.الحديث الرَّابِع عشر:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى بني كنَانَة من بني إِسْمَاعِيل، وَاصْطَفَى من بني كنَانَة قُريْشًا، وَاصْطَفَى من قُرَيْش بني هَاشم».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِيَ اللَّهُ عَنْه... فَذكره، وَزَاد فِي آخِره: «اصطفاني من بني هَاشم» قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة: وَله شَاهد مُرْسل... فَذكره من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار، عَن مُحَمَّد بن عَلّي أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله اخْتَار فَاخْتَارَ الْعَرَب، ثمَّ اخْتَار مِنْهُم كنَانَة- أَو النَّضر بن كنَانَة- ثمَّ اخْتَار مِنْهُم قُريْشًا، ثمَّ اخْتَار مِنْهُم بني هَاشم، ثمَّ اختارني من بني هَاشم».
قَالَ: وَرُوِيَ من أوجه بِمَعْنَاهُ.

.الحديث الخَامِس عشر:

رُوِيَ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْعَرَب أكفاء، بَعضهم لبَعض، قَبيلَة لقبيلة، وحيّ لحيّ، وَرجل لرجل إلاّ حائكٌ أَو حجام».
هَذَا الحَدِيث ضَعِيف وَله طَرِيقَانِ:
أَحدهمَا: طَرِيق ابْن عمر، وَعنهُ طرق:
أَولهَا: من حَدِيث نَافِع عَنهُ، قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَن حَدِيث زرْعَة بن عبد الله عَن عمرَان بن أبي الْفضل، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا... فَذكره بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، فَقَالَ: حَدِيث مُنكر، رَوَاهُ هِشَام الرَّازِيّ فَزَاد فِيهِ بعد: «أَو حجام أَو دباغ»، فَقَالَ: فَاجْتمع عَلَيْهِ الدبَّاغُونَ واجتمعوا حَتَّى إِن بعض النَّاس حسَّن الحَدِيث، وَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَو دباب إِنَّمَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ الَّذين يتحدثون الدباب.
ثَانِيهَا: من حَدِيث ابْن أبي مليكَة عَنهُ، ذكره الْحَاكِم من حَدِيث ابْن جريج، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: «الْعَرَب بَعضهم أكفاء لبَعض، قَبيلَة لقبيلة، وَرجل لرجل والموالي إِلَى بَعْضهَا أكفاء لبَعض، قَبيلَة لقبيلة، وَرجل لرجل إِلَّا حائك أَو حجام».
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي مَوضِع آخر من علله: سَأَلت أبي عَنهُ من حَدِيث ابْن جريج، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، فَقَالَ كَذَا كذب لَا أصل لَهُ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مِنْهَا: سَأَلت أبي عَن حَدِيث رَوَاهُ ابْن أبي مليكَة: «الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء إلاّ حائك وحجام» فَقَالَ: بَاطِل، نهيت فلَانا عَن التحديث بِهِ.
ثَالِثهَا: من حَدِيث زِيَاد عَنهُ، ذكره ابْن عبد الْبر فِي تمهيده من حَدِيث بَقِيَّة، عَن زرْعَة، عَن عمرَان بن أبي الْفضل، عَن زِيَاد عَنهُ مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر مَوْضُوع. قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله. قَالَ: وَلَا يَصح عَن ابْن جريج وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كَلَامه عَلَى أَحْكَام عبد الْحق: بقيّة من قد علمت، وزرعة هُوَ ابْن عبد الله بن مُرَاد الزبيري، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ مَجْهُول ضَعِيف الحَدِيث، وَعمْرَان بن أبي الْفضل ضَعِيف الحَدِيث مُنكر جدًّا. قَالَه ابْن أبي حَاتِم أَيْضا، وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي علله وتَحْقِيقه من طَرِيقين عَن نَافِع، عَن ابْن عمر.
أَحدهمَا: من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى بَقِيَّة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْفضل، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: «النَّاس أكفاء قَبيلَة لقبيلة، وعربي لعربي، وَمولى لمولى إِلَّا حائك أَو حجام».
ثَانِيهمَا: من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن عَلّي بن عُرْوَة، عَن نَافِع عَنهُ مَرْفُوعا: «الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء إِلَّا حائك أَو حجام» ثمَّ قَالَ: وَفِي الطَّرِيقَيْنِ: مُحَمَّد بن الْفضل وَعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَعلي بن عُرْوَة، وَبَقِيَّة وَكلهمْ ضِعَاف.
قَالَ ابْن حبَان: عَلّي بن عُرْوَة يصنع الحَدِيث. وَذكره فِي علله من الطَّرِيق الثَّالِث عَن ابْن عمر بِلَفْظ: «الْعَرَب بَعضهم لبَعض أكفاء، رجل لرجل، وَحي لحي، وقبيلة لقبيلة، والموالي مثل ذَلِك إلاّ حائك أَو حجام» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا يَصح؛ لأجل عمرَان بن أبي الْفضل، ثمَّ ضعفه.
الطَّرِيق الثانى: من حَدِيث معَاذ بن جبل رَفعه: «الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء، والموالي بَعْضهَا لبَعض أكفاء».
رَوَاهُ الْبَزَّار- فِيمَا حَكَاهُ ابْن الْقطَّان عَنهُ- عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا سُلَيْمَان بن أبي الجون، ثَنَا ثَوْر بن يزِيد، عَن خَالِد بن معدان عَن معَاذ مَرْفُوعا بِهِ وَهَذَا مُنْقَطع قَالَ الْبَزَّار وَغَيره: خَالِد بن معدان لم يسمع من معَاذ. قَالَ ابْن القطّان: وَسليمَان هَذَا لم أجد لَهُ ذكرا.

.الحديث السَّادِس عشر:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتَار الْفقر عَلَى الْغِنَى».
هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ دَلِيلا لأصح الْوَجْهَيْنِ أَن الْيَسَار لَيست من شُرُوط الْكَفَاءَة وَقد أسلفنا فِي بَاب قسم الصَّدقَات أَن حَدِيث «الْفقر فخري» لَا أصل لَهُ، نعم صَحَّ «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام خُير فِي مَفَاتِيح كنوز الأَرْض فَردهَا وَلم يقبلهَا» لكنه لَا يَنْفِي مُطلق الْغِنَى الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {ووجدك عائلاً فأغنى}. نعم قدمنَا هُنَاكَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ المسكنة واستعاذ من شرّ فتْنَة الْغِنَى وَمن شرّ فتْنَة الْفقر، فَلَو أبدل الرَّافِعِيّ الْفقر بالمسكنة لطابق هَذَا، فَتَأمل ذَلِك.

.الحديث السَّابِع عشر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالتِّرْمِذِيّ فِي جامعه وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مَرْفُوعا، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل ذكره برمتِهِ فِي أول شرح الْمِنْهَاج.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بأَخْبَار الْحَقَائِق وأخبار الرَّقَائِق وَهُوَ كتاب جليل رَأَيْت مِنْهُ أوراقًا: قد خُولِفَ ابْن حبَان فِي حكمه. قَالَ ذَلِك بعد أَن عزاهُ إِلَيْهِ مَعَ د، ق وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: عَاصِم- يَعْنِي: الْمَذْكُور فِي سَنَده- وَمن فَوْقه ضعفاء، وَلَا يَصح.
قلت: عَاصِم هُوَ ابْن رَجَاء بن حَيْوَة، وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَيَحْيَى بن معِين، وفوقه: دَاوُد بن جميل وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَضَعفه الْأَزْدِيّ، وفوقه: كثير بن قيس، وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَذكر الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن سميع أَنه قَالَ: أَمْرُه ضَعِيف، لم يُثبتهُ أَبُو سعيد- يَعْنِي: دُحَيْمًا.
وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقول الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين: خُولِفَ ابْن حبَان فِي حكمه. وَكَأَنَّهُ تبع الْمُنْذِرِيّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُخْتَصر السُّنن: اخْتلف فِي هَذَا الحَدِيث اخْتِلَافا كثيرا وَكَذَا قَول الذَّهَبِيّ فِي تذهيبه ومِيزَانه: إِنَّه مُضْطَرب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق أُخْرَى بِإِسْنَاد أَجود من هَذَا، إِلَّا أَن فِيهِ شبيب بن شيبَة وَهُوَ مَسْتُور، وَلم يرو عَنهُ إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم، وَفِي البُخَارِيّ بَاب الْعلم قبل القَوْل وَالْعَمَل؛ لقَوْل الله تَعَالَى: {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله} فَبَدَأَ بِالْعلمِ، وَأَن الْعلمَاء هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء؛ ورثوا الْعلم، من أَخذه أَخذ بحظ وافر، و«من سلك طَرِيقا يطْلب بِهِ علما سهّل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة» هَذَا نَص مَا ذكر.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي علله: وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث «الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء» بأسانيد صَالِحَة.

.الحديث الثَّامِن عشر:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لفاطمة بنت قيس: انكحي أُسَامَة. فنكحته وَهُوَ مولَى وَهِي قرشية».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم، وَهُوَ طرف من الحَدِيث السالف فِي بَاب النَّهْي أَن يخْطب الرجل عَلَى خطْبَة أَخِيه.

.الحديث التَّاسِع عشر:

عَن سَمُرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِذا أنكح الوليان فَالْأول أَحَق» وَيروَى: «أيّ امْرَأَة زَوجهَا وليان فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا».
هَذَا الحَدِيث جيد، رَوَاهُ أَحْمد والدارمي فِي مسنديهما وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي سُنَنهمْ من حَدِيث قَتَادَة، عَن الْحسن عَن سَمُرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول: «أيّما امْرَأَة زَوجهَا وليان فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا، وأيّما رجل بَاعَ بيعا من رجلَيْنِ فَهُوَ للْأولِ مِنْهُمَا» وَرَوَى ابْن مَاجَه مِنْهُ الْقطعَة الثَّانِيَة لَكِن عَن عقبَة أَو سَمُرَة، عَلَى الشَّك.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة الرازيان: حَدِيث صَحِيح. وَأخرجه بِلَفْظ أَصْحَاب السّنَن الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ، هَذَا مَا ذكره فِي كتاب البيع، ثمَّ أَعَادَهُ فِي هَذَا الْبَاب، فَذكره بِأَلْفَاظ:
أَحدهَا: كَمَا ذكره فِي البيع.
ثَانِيهَا: بِلَفْظ «إِذا نكح الوليان فَهُوَ للْأولِ وَإِذا بَاعَ المجيزان فَهُوَ للْأولِ».
ثَالِثهَا: «إِذا نكح المجيزان فَالْأول أَحَق» ثمَّ قَالَ: هَذِه الطّرق الَّتِي ذكرتها لهَذَا الْمَتْن كلهَا صَحِيحَة عَلَى شَرط البُخَارِيّ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الْإِلْمَام أَن من يحْتَج بالْحسنِ، عَن سَمُرَة يلْزمه تَصْحِيحه.
قلت: وَقد أسلفنا الْخلاف فِي هَذِه التَّرْجَمَة فِي بَاب كَيْفيَّة الصَّلَاة، فَرَاجعهَا من ثمَّ.
وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث أَيْضا من حَدِيث الْحسن، عَن عقبَة بن عَامر رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن ابْن علية، عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن عقبَة بن عَامر رَفعه «إِذا أنكح الوكيلان فَالْأول أَحَق».
وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا عَن يُونُس، ثَنَا أبان، عَن قَتَادَة وَلَفظه: «إِذا أنكح الوليان فَهُوَ للْأولِ مِنْهُمَا، وَإِذا بَاعَ الرجل بيعا من رجلَيْنِ فَهُوَ للْأولِ مِنْهُمَا».
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من هَذَا الْوَجْه، قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: وَلم يسمع الْحسن من عقبَة شَيْئا، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: الصَّحِيح رِوَايَة من رَوَاهُ عَن سَمُرَة.
فَائِدَة: المخيران فِي لفظ الحَدِيث فِي الْمَوْضِعَيْنِ ضَبطه الْمزي فِي أَطْرَافه بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُهْملَة من التَّخْيِير، وَوَجهه تخير الْمَرْأَة لكل وَاحِد من الوليين فِي الزَّوْجَيْنِ، وَضَبطه الذَّهَبِيّ فِي اختصاره للبيهقي بِالْجِيم وَالزَّاي من الْإِجَازَة؛ لِأَن كلا مِنْهُمَا يُجِيز مَا أَذِنت فِيهِ أَو بِمَا بَاعه، وَهَذَا مَا يحفظه.

.الحَدِيث الْعشْرُونَ:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «أيّما مَمْلُوك نكح بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَهُوَ عاهر» وَيروَى «فنكاحه بَاطِل».
هَذَانِ حديثان ليسَا بِحَدِيث كَمَا يفهمهُ إِيرَاد الرَّافِعِيّ أَنه حَدِيث ذُو رِوَايَتَيْنِ، رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول: أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الْإِلْمَام: فِي إِسْنَاده ابْن عقيل. وَمن يحْتَج بِهِ يُصَحِّحهُ.
وَقَالَ ابْن القطّان: إِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ التِّرْمِذِيّ؛ لِأَن فِي إِسْنَاده زُهَيْر بن مُحَمَّد، وَابْن عقيل وَقد اخْتلف فيهمَا.
قلت: أخرجه أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا همام بن يَحْيَى، عَن الْقَاسِم بن عبد الْوَاحِد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «أَيّمَا عبد تزوج بِغَيْر إِذن-أَو قَالَ: نكح بِغَيْر إِذن أَهله- فَهُوَ عاهر» وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الثَّانِي أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث عبد الله بن عمر الْعمريّ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، وَهُوَ مَوْقُوف وَهُوَ قَول ابْن عمر.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن أخرجه من حَدِيث جَابر، وَرَوَاهُ بَعضهم، عَن ابْن عقيل، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَلَا يَصح، وَالصَّحِيح: عَن ابْن عقيل، عَن جَابر وَرَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول: ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث ابْن عمر أَيْضا وَهُوَ من الطَّرِيق الَّذِي قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهَا إِنَّهَا لَا تصح، وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا بِلَفْظ ثَالِث: «أَيّمَا عبد تزوج بِغَيْر إِذن موَالِيه فَهُوَ زانٍ».
وَهُوَ من رِوَايَة منْدَل، وَهُوَ ضَعِيف لَا جرم قَالَ أَحْمد: هَذَا حَدِيث مُنكر؛ ومندل ضَعِيف.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله إِثْر هَذِه الطَّرِيقَة: الصَّوَاب أَنَّهَا مَوْقُوفَة عَلَى ابْن عمر.
هَذَا آخر مَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب من الْأَحَادِيث.
وَذكر فِيهِ من الْآثَار مَا نَصه: «والانتماء إِلَى شَجَرَة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ بني عمر بن الْخطاب ديوَان المرتزقة» انْتَهَى.
وَهَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَغَيره عَنهُ، وَذكر فِيهِ أَيْضا: «أَن بِلَالًا نكح هَالة بنت عَوْف أُخْت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف».
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي عَن أمه، قَالَت: «رَأَيْت أُخْت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تَحت بِلَال».

.باب مَا يحرم من النِّكَاح وأنكحة الْكفَّار:

ذكر فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَادِيث وآثارًا: